تفجيرات بلوشستان بماذا توحي بماذا ستتبع؟

تفجيرات "بلوشستان" .. بماذا توحي .. بماذا ستُتْبَعْ؟.


* محمد شريف الجيوسي



تزامن الحادث الدموي الأخير الذي وقع في محافظة سيستان بلوشستان القريبة من المثلث الإيراني الأفغاني الباكستاني والذي أسفر عن مقتل وجرح 72 إيرانيا بينهم 6 من كبار قيادات الحرس الثوري الإيراني في مقدمتهم نائب قائد القوات البرية للحرس الثوري شوستري ، وكان بين القتلى زعماء عشائر "سنية وشيعية" كانت تحضر مؤتمراً للتقريب بينهم.

أقول تزامن الحادث مع ذاك المؤتمر: عشية محادثات إيرانية أمريكية بحضور روسيا وغيرها ، حول "الملف النووي الإيراني" كما تزامن مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية ضد إيران وما سرب من أن العدوان سيكون بعد انتهاء الأعياد اليهودية في 17 تشرين الأول الجاري ".."، ويعتبر أحد أخطر ثلاثة أحداث وقعت منذ قيام "الثورة الإسلامية في إيران".. بخاصة انه تزامن مع طلب الرئيس الإيراني نجاد من مرشد الثورة الإيرانية بالعفو عن معارضيه من الإصلاحيين الذين تورطوا في أحداث ما بعد إعلان فوزه.

إن حادث سيستان سواء في المكان أو في الظرف أو في حجم الخسائر ونوعيتها يؤشر على احتمالات عديدة منها أن هناك جهة محلية إيرانية أو خارجية أو كليهما لا تريد تحقيق أي تفاهم مذهبي ، بخاصة وأن السنة الإيرانيين يتركزون في المناطق الجنوبية الشرقية..

الاحتمال الثاني أن هناك من لا يريد نجاح المفاوضات الإيرانية الأمريكية على صعيد الملف النووي ، ما يفتح مجالات عديدة ويغلق أخرى ، وثمة جهات محلية إيرانية وخارجية ستتضرر من المصالحة ، بل وقد تكشف المصالحة جهات داخلية متعاونة مع جهات خارجية ، ويوقف الدعم عنها. كما أن إسرائيل وجهات إقليمية أخرى ".." قد تتضرر من المصالحة أو تطبيع العلاقات ، ومن هنا فإن الدفع المبيّت أو التسرع العفوي باتجاه اتهام واشنطن والغرب أو الإيحاء بذلك يخدم تعطيل التفاهم الغربي الإيراني ، ويعزل إيران لصالح تلك الأطراف.

الاحتمال الثالث أن أفغانستان وباكستان اللتين تخوضان حرباً خاسرة بالمشاركة مع الناتو ضد طالبان وربما القاعدة تريدان فتح جبهة جديدة لأكثر من غاية ، منها "اعتقادها" بان تصاعد خسائرهم في الميدان يتصل بعقيدة عسكرية إيرانية جديدة ضد قوات اليوساف في أفغانستان ، ما يستوجب بحسبهم إدخال النار إلى إيران بأمل تخفيف دعمها الافتراضي للمقاومة الأفغانية.

الاحتمال الرابع أن الإسرائيليين تمكنوا من شراء عملاء أو صدروا لها "أيدي" من الخارج لتنفيذ الضربة التي في هذه الحالة لن تكون الأولى "فنجاحها" سيغري إسرائيل بالتطاول أكثر ومحاولة التكرار بصيغ مختلفة ، بغرض استفزاز إيران لتوجيه ضربة لها ، ومعرفة مدى جاهزية أطراف إقليمية في التدخل ، وبالتالي تحقيق غايتين: كشف مدى الإمكانات العسكرية الإيرانية ، وإقناع الغرب وبخاصة أمريكا بتقديم دعم لوجستي غربي إضافي كبير.

ويرجح أن الغرب الأوروبي والأمريكي لم يتورط رسمياً في الحادث الدموي الهمجي ، وأن الكيان الصهيوني بالتعاون مع أطراف إيرانية متشددة لاعتبارات مذهبية أو سياسية أو اجتماعية اقتصادية تشعر بالغبن من وجهة نظرها وربما بالاشتراك مع جهات ثالثة غربية غير رسمية أو رسمية تصرفت بشكلْ غير رسمي ، تحالفت كلها مع العدو الصهيوني ونفذت التفجيرات.

إن أطرافاً عديدة داخلية وإقليمية تتداعى ضد إيران وبخاصة ضد نظامها السياسي على خلفيات متباينة حد الاختلاف لكن لكل منها أسبابه في العداء. وبغض النظر عن أن معاداة إيران وبخاصة راهناً لا يخدم الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي ، إلا أن على إيران معالجة قضايا محلية وإقليمية بكيفية تغلق الباب في وجه مستهدفيها وفي وجه استخدام أطراف إيرانية ، ضد إيران ومستقبلها ومستقبل الإقليم ، هناك مشكلات لا بد من أن تعالجها القيادة الإيرانية بحصافة بالغة وبالسرعة الكلية ، فليس من المعقول أن تبقى تلك الملفات مفتوحة للأبد.. سواء في العراق أو الخليج أو على صعيد المعارضة السياسية الداخلية أو على صعيد مجاهدي خلق أو عرب الأحواز أو المنطقة الجنوبية الشرقية ، وعلى صعيد معالجة تطلعات بعض الشبيبة الإيرانية نحو التغريب ".." وربما غير ذلك.

يجب أن تنتهي هذه الملفات وعدم النوم على حرير الأزمات والمخاطر التي تعصف بإيران والمنطقة ، والتي تتزايد كالهشيم. ولا بد أن مكونات إيران العديدة وبلدان المنطقة أولى بالمودة والتراحم وإعادة النظر من أن تضطر لذلك تحت الضرورة وتصيّد الغرب ونفاقه وتآمره.

albuhira@hotmail.com


المصدر : جريدة الدستور الاردنية
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5COpinionAndNotes%5C2009%5C11%5COpinionAndNotes_issue754_day01_id186360.htm

مركز بلوشستان للدراسات البلوشية

http://balochistancenter.blogspot.com/