تفجير بلوشستان وحقوق السنة بإيران
الحرس الثوري تولى حماية المناطق الحدودية لاعتبارات إستراتيجية
أعاد تفجير بلوشستان إلى الواجهة مجددا ما يسمى حقوق أهل السنة في إيران، وبينما تصر طهران على أن الحادثة مؤامرة تستهدف أمنها، فإن تحليلات ترى أن التركيبة الطائفية قد تشكل بيئة خصبة لتوتر العلاقة بين الدولة ومواطنيها خصوصا الأقليات.
وتنقل تقارير عن جماعة جند الله البلوشية المتهمة بالضلوع في التفجير أن حركتها السياسية بدأت سلمية سعت إلى توعية السنة بحقوقهم وأوضاعهم، لكن قرار حمل السلاح جاء بعد قيام السلطات بمطاردة أعضاء الجماعة والبطش بهم.
وتعتبر جماعة جند الله إيران "دولة عنصرية" تأسست على فكر رجل واحد هو الخميني، مشيرة إلى انغلاق النظام الإيراني على فلسفة ولاية الفقيه.
ويأخذ خصوم النظام عليه أن السلطات تضطهد الطائفة السنية بدليل أنها تمنع بناء أي مسجد للسنة بالعاصمة طهران رغم وجود كنائس ومعابد وحتى أماكن عبادة لأتباع الزرادشتية، كما أنها تمنع وصول أهل السنة إلى المناصب العليا بالدولة والجيش، حسب أولئك المنتقدين.
ويستدل خصوم النظام على "طائفيته" بالمادة 12 من الدستور الإيراني والتي تنص على أن الجعفري الاثنى عشري هو المذهب الرسمي. ويرى أولئك المنتقدون أن ما يسمونه الصبغة الطائفية للدستور تتكرر في مواد أخرى تتعلق بالجيش ومجلس الشورى وقَسم رئيس الجمهورية الذي يتعهد فيه بحماية المذهب الرسمي وفق المادة 121.
طهران ليس فيها مسجد سني واحد (الأوروبية)الطابع الوحدويلكن الكاتب والمحلل السياسي عباس خامه يار ينفي أن الدستور ينص على ذلك، ويؤكد أن القيادة المتمثلة بمرشد الجمهورية علي خامنئي حريصة على تأكيد الطابع الوحدوي للبلاد.
واتهم المحلل الإيراني في حديث للجزيرة نت جهات بالضلوع بمؤامرات تستهدف المشروع الوحدوي في البلاد، مشيرا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا بالمقام الأول علاوة على "جهات سياسية أمنية تسير بركب هذه الدول تقوم بهذا الواجب بالوكالة" ملمحا إلى جهات إقليمية دون أن يسميها.
وتتضارب المعلومات إزاء حجم السنة في إيران، ووفقا للإحصاءات الرسمية فهم يشكلون 10% من السكان، لكن مصادر سنية تقول إنهم يشكلون ثلث حجم السكان البالغ 74 مليون نسمة.
وتقول مصادر مستقلة إن السنة يشكلون ما بين 15 و20% من السكان وهم مقسمون إلى العرقيات الرئيسة الثلاث الأكراد والبلوش والتركمان، إضافة إلى العرب بإقليم خوزستان الذي كان يسمى عربستان قبل أن تضمه إيران عام 1925. ويسكن هؤلاء قرب حدود إيران مع باكستان وأفغانستان، والعراق وتركمانستان.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أدانت سابقا ما سمته اضطهاد الأقليات في إيران، وجاء في تقرير لها أنه "لا يزال أبناء الأقليات العرقية والدينية في إيران عرضة للتمييز، بل وللاضطهاد''. وأشار إلى "معاناة البلوش من عدم تمثيلهم في الحكومة المحلية".
وفي المقابل يؤكد خامه يار أن النظام الإيراني يرعى المناطق النائية كما أن أهل السنة موجودون بمجلس الخبراء والقضاء. أما بخصوص منع المساجد السنية في طهران فقال إن "المساجد للمسلمين جميعا وبمختلف طوائفهم". وأضاف أن هذه المسألة تحديدا موضوع قديم وذات طابع سياسي وليس مذهبيا، وقال "هناك حساسيات موجودة من السابق، ولا أريد الخوض في هذا المجال".
الإعدام وسيلة تستخدمها إيران لمعاقبة من تدينهم بالضلوع في التفجيرات الأمنية (رويترز)المواطنة والتنميةويرجع المتخصص بالشؤون الإيرانية محجوب الزويري التوتر والعنف إلى مسألتي المواطنة والتنمية، فيقول إن إيران مثل باقي دول المنطقة تعاني من خلل في علاقتها بمواطنيها، مشيرا إلى أن طهران تستثني فعلا مواطني الأقليات من المناصب الرفيعة علاوة على أنها مقصرة في تنمية الأقاليم التي تعيش بها تلك الأقليات.
ويشير الزويري في حديث للجزيرة نت إلى بعد آخر في عنف إقليم بلوشستان ملخصه التعامل الرسمي مع تلك المنطقة. ويوضح أن السلطات سلمت أمن المنطقة الحدودية لقوات الحرس الثوري كي تمنع التهريب وتجارة المخدرات، ثم لاحقا عزز الحرس الثوري وجوده بسبب الوجود الأميركي العسكري بالمنطقة.
ويوضح أن بلوشستان استخدمت ممرا لعناصر تنظيم القاعدة الخارجين من باكستان "وهو أمر غضت طهران الطرف عنه في البداية طمعا بكسب ورقة للضغط على الولايات المتحدة، لكن الأمر مع الوقت تحول إلى تهديد ضد إيران نفسها وهو ما لم تنتبه له طهران في البداية".
وأضاف الزويري أن جند الله تستخدم تكتيك حركة طالبان الأفغانية عبر التحرك في مجموعات عسكرية صغيرة، وهو أمر يصعّب مهمة المخابرات الإيرانية في مكافحتها.
لكنه استبعد أن يكون لتلك الجماعة المسلحة قاعدة جماهيرية كبيرة بمناطقها، مشيرا إلى بيان إمام جماعة أهل السنة بمدينة زاهدان مولوي عبد الحميد الذي أدان فيه تفجيرات أمس ووصفها بالإرهابية. وقال الزويري إن ذلك يثبت أن جند الله ليست قريبة من القيادات السنية.
وكالة أنباء بلوشستان المحتلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق