الجامعة العربية والقضية الأحوازية!
بقلم: داود البصري
تبدو المؤسسة الرسمية العربية في حالة شبه عاجزة عن تفعيل ملف الأحواز المحتل
لا نضيف جديدا فيما لو أكدنا على أن موقف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من قضية حرية واستقلال الشعب العربي المحتل في إقليم الأحواز جنوب شرق العراق هو موقف مائي! أي لا لون و لا طعم و لا رائحة له بالمرة , فبرغم النضال الطويل و المكلف و المرهق للشعب العربي الأحوازي من أجل التشبث بعروبته و إنتمائه و حضارته و ثقافته العربية التي تعرضت لحالة فظيعة من المسخ و التشويه من الأنظمة المتتالية في إيران بدءا من النظام الشاهنشاهي البائد المتغطرس العنصري ووصولا لآيات الله الذين لم يقصروا أبدا في واجب العنصرية و القمع والالغاء و الرعب من عروبة شعب الإقليم , فإذا كان الشاه الراحل و البائد من المعروف بتوجهاته العنصرية الكسروية الذي يرفع شعار "الفرس فوق الجميع" وان الخليج العربي برمته هو بحيرة فارسية ! بل إن جنون العظمة الزائفة و المتضخمة و المريضة قد دفعته إلى ان يعلن مسؤوليته عن أمن المحيط الهندي بأسره! فما بال القوم الذين ورثوا عرشه الكسروي و يدعون وصلا و نسبا بأهل بيت النبوة الأطهار و يعملون كما يقولون لقتال الإستكبار العالمي و تحرير "بيت المقدس" بعد تحرير كربلاء طبعا! رغم أن كربلاء قد سبق للرفاق الأميركيين أن حرروها و قدموها لهم على طبق من ذهب و فضة أيضا! أقول ما بال الورثة الأتقياء الأنقياء يسيرون على نهج و سنة الشاه البائد في اضطهاد القوميات في إيران و من أهمها القومية العربية التي تتعرض لظلم مضاعف و مركز فالاذريون مثلا يدعى إقليمهم "اذربيجان" , و البلوش يسمى إقليمهم "بلوشستان"! أما الأكراد فهم في "كردستان"!! و اللر في "لرستان"!! و حدهم العرب حرمت عليهم تسمية أرضهم بإسمهم "عربستان"!! بل تحولت ل¯ "خوزستان"!! و حكاية الأسماء البديلة للمدن العربية في الأحواز حكاية طويلة اختلط فيها الجد بالهزل بالظلم بالعنصرية المفرطة , لأن حقد حكام إيران ايا كانوا ضد العرب لا يعادله أي حقد آخر? دعك من الدعايات الإعلامية المركزة للإعلام الإيراني الموجه لعصابات الحرس الثوري الإرهابية وهذا الحقد يترجم عبر الأفعال الملموسة والميدانية لا الأقوال السهلة و التي لن تكلف أصحابها شيئا انظروا ماذا فعل النظام الإيراني بالعراق رغم أن حلفاءه واصدقاءه و"حزام ظهره" من الأحزاب إياها هم من يحكم العراق اليوم لقد قطعوا المياه و حولوا الأنهار و مارسوا البلطجة و دعموا الإرهاب و اهله و أسسوا فرق الموت و فوق هذا و ذاك يسترسلون في سرقة الأرض و النفط و المياه والموانىء و كل شيء حي ? و لعل المطالبة الرسمية الإيرانية الوقحة الأخيرة بعائدية ميناء خور العمية في البصرة بحجة وقوعه في المياه الإقليمية الإيرانية هي الدليل الأوضح و الناصع على شراهة حكام إيران لنهش العالم العربي.
الأحوازيون بملايينهم التسعة يعيشون اسوأ أوضاع يمكن أن يتخيلها بشر , إنهم يهجرون بالجملة و المفرق لخارج الإقليم و يشتتون في المدن الإيرانية البعيدة أو في دول الجوار لإحداث تغيير ديموغرافي لمصلحة النظام كما أن فرض سياسة التجهيل هو سنة إيرانية منهجية و متبعة , و العالم العربي للأسف لا يشعر أبدا بتلك المعاناة المؤلمة لأولاد العم في الأحواز حتى الأنظمة الثورية و القومية العربية كالنظام السوري غضت النظر عن هذا الملف تماما بل تواطأت مع المحتل الإيراني بتسليم واعتقال اللاجئين الأحوازيين وتقديمهم لمشانق النظام الإيراني العنصري فأين إيديولوجية حزب "البعث السوري" مما يحصل بعد أن تفوقت الطائفية و الباطنية المخفية على الشعارات الثورية المعلنة ? ما هو موقف الأحزاب العربية الزاعقة المفلسة التي اجتمعت أخيراً في مؤتمرهم النفاقي الكبير في دمشق من قضية الشعب العربي الأحوازي ? ما هو موقف ما يسمى بالمؤتمر القومي العربي من الجرائم الإيرانية الرسمية ضد أحرار الأحواز ? طبعا لا جواب و حتى إن أجابوا فهم سيقولون بضرورة التركيز على قضية الصراع مع الصهاينة? رغم أنهم لن يفعلوا شيئا أبدا على هذا الصعيد لعجزهم المخجل التام.
ثم مالفرق بين احتلال واحتلال ? ام ان النفاق وإزدواجية المعايير احد اهم مستلزمات الأحزاب السياسية العربية الفاشلة المفلسة? والتي لا تمتلك بطولات حقيقية إلا من خلال عضلات اللسان , المهم أن قضية الشعب العربي الأحوازي تمتلك اليوم أهمية ستراتيجية لا تعادلها اي أهمية أخرى في ظل الهجمة العدوانية الإيرانية المركزة ضد العالم العربي بدءا من العراق و حتى شواطىء الأطلسي وتبدو المؤسسة العربية الرسمية من خلال جامعة الدول العربية في حالة شبه عاجزة عن إثارة و تفعيل هذا الملف لأسباب كثيرة أهمها أن عجز الجامعة هو رجع صدى لعجز النظام الرسمي العربي الذي يقف مشدوها و عاجزاً عن الإمساك بزمام المبادرة , صحيح أن تحرر الشعب العربي الأحوازي يحتاج لحركة تضامن وطنية داخلية و تجاوز الكثير من المصاعب الداخلية و حالة الجهل والتخلف العام فالحمل لا ينهض به إلا أهله , إلا أن المساندة المعنوية العربية أمر في غاية الأهمية , فأحرار الأحواز بحاجة لظهير ستراتيجي فاعل يمكنهم الإستناد إليه خصوصا و أن حرية الأحواز تعني مكاسب ستراتيجية كبرى للأمن القومي العربي , و تعني تحجيم مخاطر الصراعات المذهبية و العرقية , كما تعني تصحيحا للجغرافيا و للتاريخ , فهل ستتحرك الجامعة العربية و لو بشكل خجول لتحقق و لو نزرا يسيرا من المساندة المطلوبة لأشقائنا في الأحواز ? أم أننا نراهن على الوهم في ظل التحالفات الإقليمية المتداخلة و المشبوهة و التي جعلت العالم العربي يبدو مكشوفا أمام مختلف المخاطر? إنها دعوة مخلصة وجادة للالتفات إلى اهم ملف عربي و إنساني طواه النسيان و الإهمال... فهل سيقترب حلم الحرية الأحوازي التاريخي ? هذا ما نتمناه.
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
مركز بلوشستان للدراسات البلوشية
http://balochistancenter.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق