BALOCHISTAN CENTER FOR BALOCH STUDIES
مرحبا بك عزيزي الزائر .. مركز بلوشستان للدراسات البلوشية لكل ما يتعلق بالأرض البلوشية و الإنسان البلوشي من كافة النواحي الثقافية و السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية

الأربعاء، نوفمبر 04، 2009

بلوشستان منطقة الغليان الأخرى في باكستان



بلوشستان... منطقة الغليان الأخرى في باكستان


Ishaan Tharoor - Time


تستحق رغبة البلوش في نيل سلطة ذاتية أكبر قدراً من التعاطف مع الشعب الباكستاني، لكن هذه الرغبة مقدر لها الفشل بالنسبة إلى الجيش الذي يعتبر الإقليم كحصن جيوسياسي حيوي ضد مصالح طهران، وكابول ونيودلهي.

حين ينظر العالم إلى باكستان، تتّجه أنظاره حكماً إلى الحدود الشمالية الوعرة مع أفغانستان، حيث يتركّز نشاط حركة «طالبان» ويتواصل هجوم متعدد المراحل ضد الميليشيات. يعتبر قتال المجاهدين هناك من المهام الرئيسة في خطط إدارة أوباما لفرض الاستقرار في المنطقة التي تمزقّها الحرب وفي النهاية خفض الوجود العسكري الأميركي. لكن في جوار هذه الحدود الأفغانية الباكستانية، استعر صراع آخر في السنوات الأخيرة، وهو بحسب الخبراء، يطرح تهديداً وجودياً أخطر على الأرجح على الدولة الباكستانية. يشكّل إقليم بلوشستان، الذي يقع على طول الحدود الغربية لباكستان مع إيران والحدود الشمالية الغربية مع أفغانستان، أكثر من 40% من مساحة الأراضي الباكستانية لكنه يضم أقل من خمسة في المئة من سكانها. وقد أبادت صحاراه التي لا ترحم جيوش الإسكندر الأكبر خلال عودتها إلى موطنها. ويبلغ عدد قوم البلوش الأصليين، الذين يتحدرون من قبائل رُحّل جالوا في هذه المنطقة الجرداء والقاحلة، نحو خمسة ملايين وقد عانى هؤلاء التهميش وسوء المعاملة لسنوات، لا سيما على أيدي الجيش الباكستاني. تحت تربة موطنهم يقع كنز من احتياطي الغاز الطبيعي والنفط الذي على الرغم من أنه لم يُستغل إلى حد كبير، يشعر البلوش بأنهم في معزل عن عائدات إنتاجه. قامت أجيال متعاقبة بشن انقلابات مسلحة ضد الحكم الباكستاني- في عامي 1948 و1953، وخلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، واليوم. بحسب المحللين، ساهم استمرار سوء المعاملة على أيدي قوات الأمن ووكالة الاستخبارات السرية في باكستان، في تعزيز الشعور الانفصالي على نحو غير مسبوق. في هذا الإطار، يقول سيليغ هاريسون، مدير مركز السياسة الدولية في واشنطن، وكالة بارزة تُعنى بشؤون البلوش: «إن القومية البلوشية ذات قاعدة أوسع، وظاهرة أكثر خطورةً من أي وقت مضى». ازدادت أبعاد نضال البلوش تعقيداً بسبب الجغرافيا السياسية للمنطقة. فنحو مليون من البلوش الإثنيين يعيشون على الجانب الآخر من الحدود في إيران، حيث انتفضوا أيضاً منذ زمن طويل ضد دولة قامعة مطالبين بحريات أكبر. خلال أعنف عملية قمع شنّتها باكستان ضد الانفصاليين البلوش في السبعينيات- حين قُتل آلاف المدنيين على ما يُفترَض- قدّمت إيران الدعم اللوجيستي لباكستان، بما في ذلك المروحيات.


كان البلدان متحدين آنذاك بموجب حلف بغداد الذي قادته الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، لكن بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 تغيّرت العلاقات في ظل تخوّف المسؤولين الشيعة في إيران على نحو متزايد من نظرائهم السُنّة في القيادة العسكرية الباكستانية. فالإيرانيون يكرهون حركة «طالبان» الأفغانية التي أنشأتها جزئياً عناصر في داخل الدولة الباكستانية. يعقّب سمير للواني، محلل باكستاني في المؤسسة الأميركية الجديدة، مجموعة بحث مقرها في واشنطن: «ثمّة توتر متأصل (بين البلدين) قائم على خياراتهما الاستراتيجية السابقة». في ما يتعلق ببلوشستان، تحول التعاون القديم العهد إلى قلّة ثقة متبادلة أكثر تيقظاً. في 18 أكتوبر، هاجمت جماعة «جندالله»، ميليشيا من البلوش متمركزة في باكستان، مدينة بيشين الواقعة على الحدود الإيرانية، موديةً بحياة 42 شخصاً بما في ذلك عدد من الشخصيات البارزة في الحرس الثوري الإيراني.


وبعد أسبوع، اعتقلت القوات الباكستانية 11 عميلاً إيرانياً تسلّلوا عبر الحدود، على الأرجح في مهمة تستهدف «جندالله». أُطلق سراحهم في النهاية، لكن هذه الحوادث سلطت الضوء على مدى القلق الذي تشكّله بلوشستان في الشؤون الداخلية لطهران وإسلام أباد- وعلاقات الواحدة بالأخرى. قد تزداد هذه التشنّجات في المستقبل بينما توسع القوى الإقليمية الأخرى مصالحها في بلوشستان أيضاً، فوجود نحو 19 تريليون قدم مكعّب من الغاز الطبيعي في هذا الإقليم عزز احتمال إجراء استثمارات خارجية كبيرة، لكنه فاقم مشاعر القلق لدى البلوش من العزلة. بدأت الصين مسبقاً بضمان الوصول إلى الشرايين الأخرى الغنية بالموارد في بلوشستان. فهي تملك حصة مهيمنة في منجم الذهب والنحاس الضخم في «ساينداك» وقد أشرفت على بناء مرفأ بحري بقيمة مليار دولار في غوادار، مستخدمةً عموماً يداً عاملة صينية. لا يشكّل تنامي مركز غوادار، الذي قدّرت إسلام أباد أن يصبح منطقة اقتصادية خاصة، محط تركيز المصالح الاستراتيجية الصينية في جنوب غرب آسيا فحسب، إنما أيضاً مصدر نزاع بالنسبة إلى البلوش الذي مُنعوا كلياً من المشاركة في عملية تطويره، وكما في أي مكان آخر في الإقليم، عُزلوا من قبل قوم البنجاب والسند الإثنيين الذي يأتون من أجزاء أخرى من باكستان للقيام بأعمال تجارية هنا. من جهتهم، يدّعي الانفصاليون البلوش بأنهم لم يرغبوا يوماً في أن يكونوا جزءاً من خطة تجزئة بريطانيا للهند خلال فترة الاستعمار إلى دولتي الهند وباكستان المستقلتين وأنهم ضحية إمبراطورية بصعوبة حكمتهم.



كانت الحدود الفاصلة بين بلوشستان الإيرانية وتلك الباكستانية خطاً رسمه في عام 1871 أحد مسؤولي الاستعمار البريطانيين، مانحاً الأرض إلى حكام إيران بهدف الحصول على دعم هذه الأخيرة ضد روسيا القيصرية. واليوم، وفيما يخشى البلوش في باكستان وإيران أن يكون الاستقلال بعيد المنال، نراهم يناضلون من أجل نيل حريات والحصول على ضمانات أكبر للحفاظ على لغتهم وثقافتهم في الدولتين الباكستانية والإيرانية. في المقابل، تسلّح آخرون على مدى السنوات. في هذا الإطار، يقول هاريسون إن الأفكار التي طرحها بعض المسؤولين الباكستانيين والتي تربط انفصاليي البلوش بنشاطات «طالبان» خاطئة. لطالما كانت القومية البلوشية مشروعاً علمانياً، فجبهاتها الجهادية المتحاربة مع باكستان، مثل جيش التحرير البلوشي، تستمد أسلوبها القتالي من العصابات الماركسية اللينينية التي نشأت في السبعينيات. وهكذا تعتبر جماعة «جندالشام» بأن هويتها قائمة على رفض رجال الدين الشيعة الذين يحكمون إيران- عمل سياسي- وليست وليدة حماسة معينة، وذلك على الرغم من اعترافها بأنها تنتمي إلى الإسلام السُنّي. من جهة أخرى، غالباً ما تحمّل إسلام أباد، عند محاولتها التشكيك في انفصالية البلوش، عدوتها في المنطقة، الهند، مسؤولية تحريض المتمردين والتأثير عليهم. لم يتنامَ قلق باكستان من تدخل الهند في شوؤنها إلا بعد أن عززت الهند مشاركتها هناك خلال الغزو الأميركي في أفغانستان، يقول المسؤولون الباكستانيون إن القنصليتين الهنديتين في مدينتي




قندهار وجلال أباد الأفغانيتين مسؤولتان عن أعمال التمرد في بلوشستان المزعزعة للاستقرار. يعقب الهجمات التي يشنها البلوش عادةً اتهامات باكستانية بالتورط الهندي على الرغم من أن إسلام أباد، التي لديها سجل معروف بكونها أرضاً خصبة للإرهابيين الذين يشقون طريقهم إلى الهند، لا تملك أي أدلة عن تآمر هندي. في وقت سابق من هذا الشهر، رفض رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ أي فكرة تشير إلى دعم الهند للمتمردين. يقول: «يعلم الشعب والحكومة في باكستان تماماً بأن هذا اتهام خاطئ». في الوقت عينه، يشهد الوضع في بلوشستان حالةً من الغليان. فضلاً عن الوحدات النموذجية الدائمة من جنود الحدود، وضعت القيادة العسكرية الباكستانية منذ عام 1958 جيشاً مسيطراً في ستة مواقع عسكرية رئيسة عبر الإقليم، وعلى مدى عقود، حمّل البلوش الجيش مسؤولية أعمال الخطف، وحالات الاختفاء، وعقوبات القتل خارج نطاق المحاكم. ففي أبريل، اختُطف على ما يُفترَض ثلاثة قادة منشقين من البلوش على يد قوات الأمن الباكستانية وعُثر عليهم بعد أيام جثثاً مليئة بالكدمات ومصابة بالرصاص، ما أثار موجة من أعمال الشغب والعنف امتدت لأسابيع. في هذا الإطار، ذكر تقرير صادر في العام 2008 عن منظمة العفو الدولية بعنوان «إنكار ما هو مسلم به: حالات الاختفاء غير الطوعية في باكستان»، ما لا يقل عن 600 حالة اختفاء لم تُعرّف أسبابها في بلوشستان وحدها. هذا وقد أصبح للقافلة الأخيرة من القوميين البلوش بطلاً شهيداً يتقيدون بمنهجه، وهو أكبر بوغتي الذي قُتل خلال اشتباك مع الجنود الباكستانيين في عام 2006 والذي كان آنذاك الزعيم المحرّض للانفصاليين البلوش. وفي تقرير نُشر في وقت سابق من هذا العام، أوصى هاريسون بسحب جزء من الجيش الباكستاني المسيطر وبحل سياسي يمنح الإقليم سلطة ذاتية وسطوة أكبر على موارده. تستحق رغبة البلوش في نيل سلطة ذاتية أكبر قدراً كبيراً من التعاطف من الشعب الباكستاني، لكن هذه الرغبة مقدر لها الفشل بالنسبة إلى الجيش الذي يعتبر الإقليم كحصن جيوسياسي حيوي ضد مصالح طهران، وكابول ونيودلهي. يظهر العجز السياسي في التعامل مع هذا الإقليم النائي والمتمرد، بحسب الخبراء، كمؤشر آخر إلى السلطة الحقيقية التي يمارسها الجيش على الحكومة المدنية الضعيفة في البلاد. يعلق هاريسون: «يدرك الرئيس الباكستاني آصف زرداري والمحيطون به ما عليهم القيام به، لكنهم عاجزون عن حمل القوات المسلحة ووكالة الاستخبارات الباكستانية على التعاون».



التزمت الولايات المتحدة الصمت عموماً حول هذه المسألة، جزئياً لأنها تملك الكثير من النفوذ لممارسته على الجيش الباكستاني. فخلال إدارة بوش، سادت آراء بأن واشنطن تدعم حتّى سراً مجموعات مناهضة لإيران كـ»جندالله» وتعد عمليات سرية ضد إيران من بلوشستان. لكن المساعي الرسمية للتوصل إلى حل عادل لمظالم البلوش ستقطع أشواطاً كبيرة لضمان الاستقرار لباكستان في العموم. لقد ساهمت المشاكل التي يثيرها البلوش في إيقاف خطط تقضي ببناء خط أنابيب غاز مربح من إيران إلى الهند مروراً بباكستان، وهو خط قد يعزز التعاون في المنطقة وثروة الأمّة على حد سواء. فضلاً عن ذلك، ستكون تهدئة رغبات الانفصاليين بمنزلة درس للجيش الباكستاني، الذي اعتاد، كما اتضح خلال الاستقلال المحزن والدموي لبنغلادش (سابقاً باكستان الشرقية) على ضرب الحركات الانفصالية بوحشية. في وقت يُصار فيه إلى استمالة الكثير من القلوب والعقول، وتكثر فيه مهام الجيش، لا ضرر من إعطاء السلام فرصة.


مركز بلوشستان للدراسات البلوشية

http://balochistancenter.blogspot.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

tags

البلوش - بلوشستان - الشعب البلوشي - البلوشي - مكران - إيران - باكستان - أفغانستان - افانستان - الخليج - القضية البلوشية - الحضارة البلوشية - اللغة البلوشية - القبائل البلوشية - baloch - baluch - balochisian - baluchistan- quetta - zahidan - sistan - pakistan - iran - afganistan-balochi - baluchi