أجرت مجلة نداء الإسلام (المجلة الفصلية الوحيدة لأهل السنة في إيران) حوارا مع فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله رئيس جامعة دار العلوم ورئيس منظمة اتحاد المدارس العربية الإسلامية لأهل السنة في بلوشستان حول أحوال أهل السنة في إيران قبل الثورة وبعدها. وفيما يلي نص هذا الحوار:
مجلة نداء الإسلام: مضت ثلاثة عقود من انتصار الثورة في إيران، ونحن الآن في بداية العقد الرابع منها، فقبل أن نتطرق إلی استعراض هذه العقود الثلاثة الماضية من عمرها وإلی نظرة في مستقبلها, نود الإستفسار من سماحتكم حول العوامل التي أدت إلی قيام الشعب الإيراني ضد النظام البهلوي. ماذا كانت المشاكل السياسية والثقافية والإجتماعية التي أثرت في تكوين ثورة الشعب الإيراني؟
الشيخ عبد الحميد: قام الشعب الإيراني بقيادة آية الله الخميني ضد الشاه السابق لأسباب وقضايا هامة!وأول هذه القضايا والأسباب التي أثارت الشعب الإيراني ضد النظام السابق أن الجالسين علی كرسي السلطة في ذلك النظام كانوا يريدون استبدال الثقافة الإيرانية بالثقافة الغربية ونشر تلك الثقافة في البلاد. حيث ابتدأ بهذه العملية والد الشاه، وقد بذل جهودا كبيرة كل من "رضاخان" في إيران، و"أمان الله خان" في أفغانستان و"كمال آتاتورك" في تركيا وعدد من القادة السياسيين والمفكرين في مصر لإزالة الثقافة الفكرية والدينية ومحوها من هذه البلاد الإسلامية الهامة, وسعوا أن يلبسوا كل شيء ثياب غربية, وحاربوا الدين والمذهب, وألغوا المحاكم الشرعية وقوانين الشريعة الإسلامية, وكافحوا الحجاب الإسلامي وأشاعوا السفور والخلاعة والاستهتار والتعلم بأساليب أروبية.نجح أتاتورك بإستبداد الحكم والديكتاتورية وإراقة الدماء وقمع المخالفين في أهدافه. ولكن واجه أمان الله خان ورضاشاه مخالفة العلماء والشعب المسلم، وفشل كلاهما في نشر أهدافهما التي كانت مضادة للأفكار والتعاليم الإسلامية.وأراد محمد رضا إبن رضاشاه, طرد الإسلام من إيران وأن لايبقى من الإسلام إلا إسمه ولا يبقى من الشعائر والثقافة والحضارة الإسلامية أثر في إيران، وينزع الدين من حياة الشعب.وبذلت هذه الجهود من غير أن تنظر إلی العقائد الدينية والمشاعر المذهبية التي ترسخت في أذهان الشعب. لذلك ازداد في الشعب الإنزجاز من سياسات الدولة المغايرة للإسلام.واجه نظام السلطة مشاكل جادة ومخالفات من قبل رجال الدين والمفكرين الذين شعروا بالخطر وكذلك الجيل الشاب الذي تربى علی الفكرة الإسلامية والدينية. وأدى توسيع نطاق هذه المخالفات إلی نفي زعيم الثورة الإسلامية من إيران وشدة المواجهة مع المخالفين وقمع حركاتهم.والمشكلة الثانية هي أن النظام البهلوي جعل البلاد مرتبطة وتابعة للأجانب. كانت تابعة للولايات المتحدة الإمريكية, وكانت العلاقة مع إسرائيل جيدة. وعلی الصعيد السياسي كانت البلاد متجهة نحو انحياز كامل, ونسوا أن إسرائيل في حالة حرب مع الأمة الإسلامية واحتلت بلادهم وبيت المقدس وتألمت بسببها قلوب المسلمين.والقضية الثالثة أن إدارة البلاد كانت بيد أسرة واحدة وكانت القدرة موزعة بين أسرة رضاشاه البهلوي, والضغوط كانت كثيرة. لم يكن الشعب مشاركين في إدارة البلاد، ولم يكونوا يهيئون مجالات مشاركتهم أيضا، فالمناصب كانت توزع بين أقارب السلطة وكل من كانت له صلة بهذه الأسرة الحاكمة. وكانت القرابة تفوق الضوابط والدستور.لا تعقد الانتخابات وإن عقدت فكانت صورية. لا يصل إلی المجلس إلا من اختاروه. لم تكن تعقد انتخابات حرة يختار فيها الشعب نوابهم الحقيقين, بل يظهر في المسرح من يتلقى منهم التأييد. فلم تكن للشعب مشاركة في مصيرهم، ولا أثر في اتخاذ التدابير. ولقد أثرت هذه القضية علی المجتمع الإيراني عميقا.والقضية الأخرى, أن رؤساء القوة التنفيذية في البلاد مع المشاكل الكثيرة التي كان الشعب يعاني منها دون أن يهتم بها أحد, ما كانوا يحبون أن يعرف الأسرة الحاكمة شيئا من الأوضاع والأحوال وما يجرى علی الشعب الإيراني في الواقع, فكانوا ييبلغون الشاه أن الأمور والأحوال تجري وفقا لإرادته. وكانوا فرحين بفعل بعض التعديلات مثل التعديلات الأرضية, والشاه أيضا يرى كل شيء بهتاف الثورة البيضاء وفقا لمراده. أصيب الشعب الإيراني في عهد الشاه بضربات قاضية من الجانب الديني والوطني والسياسي.لم يستطع الشعب تحمل هذا الوضع. فالشعب الإيراني مسلمون, لايبتغون بديلا للثقافة والحضارة الإسلامية. وما أرادوا أن تكون بلادهم ذيلا للأجانب, ويضحي بإستقلالهم. وكذلك لم يكن لهم منطقيا أن لا يكون لهم دور في تحديد مصيرهم وإدارة بلادهم. فمجمل الكلام: أن الإستبداد السياسي وفرض الضغوط والكبت المهلك والتعلق الشديد بالأجانب والظلم وفقدان حرية التعبير ووجود البيئة الخانقة والمفاسد الإدارية ونشر المفاسد الإجتماعية كانت العوامل الأساسية لثورة الشعب الإيراني ضد سلطة البهلوي والتي أدت في النهاية إلی انتصار الثورة في إيران.
مجلة نداء الإسلام: في أي مستوى كانت قضية المذهب والقومية في النظام البهلوي وهل كان هناك تعامل مختلف مع أهل السنة؟
الشيخ عبد الحميد: من ثم أن الضروري لسلطة النظام البهلوي هو الاحتفاظ بالقدرة واستمرار السلطة علی البلاد, مع أنهم التزموا حسب الدستور أن يكونوا حماة المذهب الرسمي للبلاد يعني الشيعة لكنه لعدم التزام الشاه بالمذهب وعدم تركيز فكره علی المذهب والمسائل المذهبية لم تكن هناك نظرة مذهبية سائدة علی الفريق الحاكم، ولم يكن تعامل سيئ ناشئ عن التطرف مع أهل السنة. بل كان حضور أهل السنة مرموقا في كثير من المناصب مثل الجيش وقوات الشرطة, وكذلك في الأنظمة الإدارية علی مستوى البلاد والمناطق ذات الأغلبية السنية, وقد كانت السنة تفوض إليهم مناصب عالية في قوات الشرطة في مناطقهم وسائر المناطق. وقد كان السنة والشيعة جنبا إلی جنب من غير أي تمييز. إنهم كانوا يفكرون دائما في الإحتفاظ بإقتدارهم، فلم يكن فرق بين الشيعة والسنة في أنظارهم، ولم تكن قضية القومية مطروحة أيضا.كانت في البلاد حالة خناق من الناحية السياسية.لا يسمحون أن يطرح أحد القضايا القومية. كما كانوا لا يسمحون بطرح المسائل المذهبية. كانت غايتهم الأساسية الوصول إلی الإحتفاظ بالقدرة والسلطة علی البلاد وأن يرضوا الجميع. بناء علی هذا لم يكونوا يسألون في التوظيف أنت سني أم شيعي؟ بل الجنسية الإيرانية كانت المعيار لتولي المناصب. ولو استخدم مائة شخص في مكان علی الوظائف الحكومية لم يكن أحد يميز بين السني منهم والشيعي! إختيارهم الأفراد لتفويض المناصب كان حسب الحاجة. ويعد هذا يعني عدم طرح المذهب في قضية التوظيف والانتصاب هو البعد الإيجابي في حكمهم نظرا إلی جميع معايبهم ونقائصهم. وكان الجميع راضون بعدم سماحهم بالخلافات الطائفية، ولم يكونوا يثيرونها بأنفسهم. خلافا لما يقال أن نظام البهلوي كان يريد الإفتراق والإختلاف بين الشيعة والسنة فأنا حسب علمي لا أذكر أنهم أرادوا ذلك، لأنهم كانوا يرون أي نوع من الخلافات بين الشعب مضادا لدوام كيانهم ونظامهم. لذلك لم يكونوا يفرقون بين الشيعة والسنة في التوظيف, بل كانت أنظارهم متجهة نحو مصالحهم ومنافعهم. فإذا كان الشيعي لصالحهم استخدموه وإن كان السني بصالحهم استخدموه.مع ذلك كله ولأجل أن أهل السنة والجماعة منذ العهد الصفوي إلی الآن وكذلك في النظام البهلوي كانوا يعيشون في حواشي البلاد, وكانوا بعيدين من المركز والعاصمة, وعدم وجود بيئة المشاركات السياسية في البلاد زمن الشاه, لم يحصل أهل السنة والجماعة علی مكانتها المطلوبة, ولم يكونوا راضين بالوضع الحاكم.ينبغي أن أشير هنا إلی قضية تاريخية هامة وهي أن غالبية سكان إيران كانوا من أهل السنة قبل ظهور الصفوية. والشيعة كانوا علی المكانة الثانية من حيث العدد في البلاد. مع ذلك كان تعايش أتباع المذهبين سلميا جنبا إلی جنب. ولكن مع ظهور الصفوية علی الصعيد السياسي تحت لواء الدفاع والذود عن مذهب خاص, ومتابعتهم أهدافهم السياسية الخاصة من هذا المنطلق وقمع المخالفين وإقامة المجازر والمهالك, فقدت أهل السنة مكانتهم الأولى في البلاد, وخلت المدن الكبرى ومراكز إيران من أهل السنة. وأما كبار علماء أهل السنة الإيرانيين الذين كانوا حملة راية العلم والمفاخر العلمية في هذه البلاد إما قتلوا أو أكرهوا علی الهجرة إلی سائر البلاد في العالم الإسلامي، وإن انتشار أتباع مذهب أهل السنة والجماعة علی النواحي الحدودية من البلاد ثمرة عهد خاص من التاريخ، يتطلب في موضعه بحثا مفصلا.
مجلة نداء الإسلام: من كان المسيطر علی الشارع؟ وبيد من كان توجيه الرأي العام؟
الشيخ عبد الحميد: إن نوعية السلطة التي كانت ملوكية واستبدادية بالإضافة إلی البيئة السياسية المغلقة وفقدان الحرية, لم تكن تسمح لأحد أن يلعب دورا بارزا في توجيه الأفكار العامة وتوجيه الشعب. يواجه كل من كان يبتغي أن يلعب دورا في توجيه الشارع مشاكل مختلفة.مع ذلك كان للعلماء دور بارز في سبيل الوعي العام، وكذلك المثقفون ورؤساء العشائر أيضا كان لهم دورهم في توجيه أهل المنطقة. ولكن نظرا إلی البيئة الخانقة وفقدان الحرية كان دور العلماء والمثقفين ورؤساء العشائر إقليميا ولم يكن شاملا. وفي الواقع هي من طبيعة السلطات الإستبدادية أنها خائفة دائما من وعي شعوبهم فلا يسمحون للمثقفين أن يلعبوا دورا بارزا في توجيه الشعوب وقياداتهم.
مجلة نداء الإسلام: نظرا إلی عقود من المرافقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز رحمه الله تحدث لنا فضيلة الشيخ من جهود ودور الشيخ رحمه الله في السنوات والشهور المنتهية إلی انتصار الثورة.
الشيخ عبد الحميد: كان للشيخ عبد العزيز رحمه الله دورا هاما وايجابيا قبل انتصار الثورة وبعدها. كانت أوضاع المنطقة في السنوات والشهور المنتهية إلی انتصار الثورة متدهورة، وكان عناصر النظام زادوا من الضغوط والسيطرة علی الناس أكثر فأكثر، ولم يكن من الممكن العمل وحيدا. بدأ الشيخ رحمه الله بمساعدة جمع من العلماء في المنطقة لأجل تنظيم القوات وتحقيق أهداف الثورة جهودا جادة.ولما أدرك النظام أن الشيخ رحمه الله يدعم الثوار حرض أشخاصا في زاهدان علی الشيخ رحمه الله ونظم فئة تنادي باسم "الشاه"، وعند مجاوزتهم من مواجهة بيت الشيخ هتفوا بشعار"جاويد شاه" (ليحيى الشاه).وكانوا سببا لأذى الشيخ رحمه الله تعالی, وفرضوا ضغوطا علی سماحته. وكان دور الشيخ رحمه الله في المنطقة هاما. وعناصر السلطة كانوا يريدون أن يثيروا جماعات من الشعب ضد الثوار، ويفرضواعليهم الضغوط بإقامة المظاهرات ويكبتوهم، ولكن الشيخ رحمه الله بمساعدة من الناس لم يسمح أن تتحقق هذه الأمنية لهم، لأن الناس كانوا من العشائر, وكان البلوش والزابليون آنذاك بعضهم أقرب إلی البعض, وكانوا يرون لفضيلة الشيخ إحتراما خاصا. والمتأثرون من النظام الذين أراد النظام استخدامهم ضد الثوارومخالفي السلطة وكبت حركتهم بالعشائر منعوا جميعا عن هذه الحوادث بمبادرة الشيخ الإيجابية. وفي المقابل كان للشيخ رحمه الله جلسات عديدة مع الذين يأتون من مختلف أنحاء البلاد لإقامة المظاهرات ضد السلطة إلی هنا, فربما كانوا يأتون إلی بيت الشيخ وكنت أنا عند الشيخ رحمه الله عندما كان هؤلاء يردون عليه فيشجعون, وكان الطلبة أيضا يترددون إلی سماحة أيضا. كان الشيخ رحمه الله يحمي العلماء والذين أتوا إلی هنا من المحافظات الأخرى ليقيموا المظاهرات.
مجلة نداء الإسلام: ماهي الأصول والمعايير التي تقوم عليها نشاطات الشيخ رحمه الله وماذا كان يتبع سماحته من الأهداف من وراء هذه النشاطات السياسية؟
الشيخ عبد الحميد: كان الشيخ رحمه الله يريد الخير للإسلام والمسلمين والأمة المسلمة. ويفرك دائما في عزة وعلو الإسلام. ويريد اهتزاز وإعمار البلاد الإسلامية, ويؤكد علی حفظ الأمن وسيادة أراضي البلاد, ويخالف الإنفصالية. ومن ناحية أخرى يؤكد علی حفظ هوية المذاهب والأقوام ومشاركتهم في إدارة البلاد. وكذلك كان يفكر في الأخوّة والوحدة والتضامن بين جميع جهودهم ومساعيهم وتدابيرهم التي يتخذها والمسئوليات التي يتقبلها قائمة علی هذه الأصول والمعايير.جدير بالذكر أن الشيخ رحمه الله تربى علی مكتب العلماء المجاهدين والأحرار ومطالبي الحرية والإستقلال في الهند. عندما كان فضيلته مشتغلا بتعلم العلوم الشرعية في دارالعلوم ديوبند والمدرسة الأمينية في دلهي، كانت الهند مستعمرة للإستعمار البريطاني وكان شعب الهند للوصول إلی الإستقلال والحرية مشتغلين بالنضال المستمر ضد الإسستعمار, وفي هذا الكفاح كان دور علماء الهند المسلمين وقيادتهم بارزة مرموقة، وكان أساتذة الشيخ رحمه الله من حيث العلم والعرفان من كبار علماء المعاصرين والقادة البارزين ضد الإستعمار البريطاني، وقد بذلوا جهودا كبيرة في سبيل جهادهم ضد المستعمرين.الشيخ حسين أحمد المدني ومفتي الهند المفتي كفاية الله الدهلوي (من مؤسسي وقادة حزب جمعية علماء الهند) كانوا من أساتذة الشيخ عبد العزيز رحمه الله، وكان بيدهم القيادة الدينية والسياسية لمسلمي الهند. وقد بلغ الشيخ عبد العزيز في مدرستهم إلی مكانة جديرة من العلم والعرفان، وكذلك تعلم السياسة والحرية، ودائما كان يتأسى بهم في حياته.مجلة نداء الإسلام: من أهم نشاطات الشيخ رحمه الله التي يمكن أن نشير إليها من عام 1357 إلی 1360 هـ.ش، هي تأسيس حزب اتحاد المسلمين والمشاركة في انتخابات مجلس خبراء الدستور وتأسيس الشورى المركزية للسنة (شمس). من فضلكم أوضحوا لنا حول بواعث وأهداف هذه النشاطات ونتائجها.الشيخ عبد الحميد: في سنة 57 هجري شمسي وفي الأيام التي كانت ظروف البلاد نحو تغير وتبدل أساسيين، وكانت متجهة نحو انتصار الثورة في إيران، اجتمع جمع كبير من علماء بلوشستان وأجمعوا علی أن يواصلوا نشاطاتهم في شكل حزب وبشكل منظم, ويدافعوا أيضا من حقوق ومطالبات أهل المنطقة. انتهت هذه الجهود إلی تأسيس حزب اتحاد المسلمين, وأعلن وجوده رسميا في أوائل الثورة بقيادة الشيخ رحمه الله تعالی. ومن أهداف هذا الحزب استقرار النظام الإسلامي, وتوطيد الوحدة الوطنية, ونشر الحرية والمساواة والأخوة وفق القواعد الإسلامية، ونشر وإشاعة تعاليم الإسلام المبين, وتهيئة البيئة المناسبة لإقامة انتخابات حرة، ومكافحة أي نوع من المفاسد الأخلاقية والإجتماعية والسياسية، والممانعة عن نشوء أي نوع من الفرقة والطائفية بين الأمة المسلمة، والتركيز علی حفظ حقوق كافة الأقليات والإحترام المتبادل، وحرية الرأي والصحافة وفقا لتعاليم الإسلام، وبذل المساعي لتقدم المنطقة إقتصاديا وإجتماعيا علی أسس الحاجات التاريخية والثقافية والإجتماعية في ظل الإنتفاع بالقوات المحلية المتخصصة، والحراسة والذود عن الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية لأهل السنة والجماعة، والتركيز علی حفظ وصيانة لغة وثقافة أهل هذه المنطقة، وعلی دراسة فقه أهل السنة والجماعة في المدارس والمراكز العلمية الحكومية في مناطق أهل السنة.استطاع حزب اتحاد المسلمين بزعامة الشيخ عبد العزيز رحمه الله أن يفتح فروعا مختلفة في مدن متعددة ويقيم عدة جلسات عامة, ويبلغ مطالبات الشعب إلی مسئولي النظام، وقد قام هذا الحزب أثناء نشاطاته بخطوات نافعة لحضور الشعب الواسع في الإستفتاء العام في أوائل الثورة والمشاركة الفاعلة في انتخابات المجلس الوطني والرئاسة الجمهورية, والدفاع عن سيادة أراضي البلاد ومخالفة الإنفصالية وإنشاء الأمن في المنطقة، ونشر بيانات واضحة في الدفاع عن الحقوق المدنية والمذهبية لأهل المحافظة، واختيار المرشحين للحضور في مجلس خبراء الدستور والدفاع عن حقوق أهل السنة في إيران، وحقق كثيرا من الإنجازات الأخرى، ولكن حضور الشيخ في مجلس خبراء الدستور ومشاركته في تدوين الدستور جاء ذلك بناء علی أن الشيخ رحمه الله كشخصية دينية مذهبية وناشط في الصعيد السياسي وكأهل رأي في القضايا، رأى من الضروري أن يشارك في مجلس خبراء الدستور إثر دعوة الناس والعلماء وإصرارهم علی ذلك. وكان حضور الشيخ رحمه الله في مجلس خبراء الدستور حضورا نافعا مؤثرا. وكان لمواقفه في المجلس والخطب التي ألقاها فيه دوي كبير في أنحاء إيران، لذلك أحبه الشعب الإيراني.والشورى المركزية لأهل السنة المسمي بـ شورى الشمس الذي يقع المكتب المركزي لهذه الشورى في طهران، تم تأسيسها علی يد العلامة أحمد مفتي زاده ومشاركة الشيخ عبد العزيز وبعض علماء السنة في المنطقة لمتابعة حقوق أهل السنة سنة 1360 من الهجرة الشمسية. وأسست هذه الشورى نظرا إلی انتشار أهل السنة في حواشي البلاد والأماكن الحدودية، وبهدف التضامن والترابط بين علماء السنة ومثقفيهم في المحافظات المختلفة, فيقوم باستعراض مشاكل السنة ومطالباتهم ويتابع حلها ويسعي لتحقيقها. وقد أتبعت هذه الشورى أيضا في عمرها القصير نشاطات نافعة ومؤثرة. ورتبت عدة لقاءات مع كبار المسئولين وتابعت أهم قضايا أهل السنة، ومن بينها المسجد الجامع في طهران، وأن يعترف بأهل السنة في دستور البلاد، والإحترام إلی مقدسات أهل السنة ومراعاة أصل الأخوّة والمساواة. مع الأسف بعثت نشاطات هذا المركز السلمية قلق الكثيرين وألقي كثير من أعضاءها في السجن وأوقفت بعد سنة نشاطات هذه الشورى رسميا.مجلة نداء الإسلام: بعد انحلال النشاطات الحزبية والأحزاب السياسية مثل اتحاد المسلمين والشورى المركزية للسنة (شمس) واختتام أعمال مجلس خبراء الدستور والإعتراف بمذهب معين (الشيعة) في الدستور، عاشت أهل السنة إلی سنوات عديدة في الحاشية من الناحية السياسية.
ماذا رأيكم حول هذ ه الدورة التي كانت بمنزلة فترة لأهل السنة؟
الشيخ عبد الحميد: كانت مطالبات أهل السنة والشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالی أثناء تدوين الدستور أن يتعين الإسلام كالدين الرسمي، ولا يتعين مذهب خاص كمذهب البلاد، ولكن ردت هذه المطالبة. ولما كان أكثر مجلس الخبراء من الشيعة, قرر الدستور بالإعتراف بالمذهب الشيعي الإثنا عشري كمذهب رسمي للبلاد. وإن أكد في تلك المادة من الدستور علی الإحترام بالمذاهب الفقهية لأهل السنة،وذكر أيضا أن أتباع هذه المذاهب أحرار في ممارسة طقوسهم الدينية وفق مذاهبهم وفقههم،وهي معترفة بها في مجال التعليم والتربية والأحوال الشخصية والدعاوي المتعلقة بهم، ي كل منطقة يتواجد آتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية فتكون القوانين المحلية في دائرة اختيارات المجالس المحلية وفق ذلك المذهب مع حفظ حقوق سائر المذاهب. ولكن هذه المواد أيضا لم تنفذ أبدا. بل التعامل كان مبنبيا علی التمييز، مع أنهم امتنعوا من تشكيل القوانين المحلية الخاصة بأهل السنة في المناطق ذات الأغلبية السنية، مع ذلك كله بقيت أهل السنة في الميدان حفاظا علی المصالح الوطنية العامة. وكان حضورهم مرموقا في جميع المجالات الدفاعية والسياسية والإنتخابات والمظاهرات. وفي بداية الثورة وفي عهد الدولة المؤقتة لمهندس بازركان, كان محافظ محافظة سيستان وبلوشستان من البلوش، وكان رئيس جامعة بلوشستان وحاكم مدينة زاهدان أيضا من البلوش السنة، وأعطيت في تلك الفرصة لأبناء السنة فرصة الخدمة في سائر المدن السنية. مع الأسف كلما تقدمنا إلی الأمام سلبت هذه الفرص والمناصب الأساسية من أهل السنة، بحيث أوقف استخدامهم في قوات الشرطة من عام 1362 من الهجرة الشمسية الموافق لعام 1984 الميلادي إلی الآن. وكل هذه المعاملات كانت خلافا للدستور، وكان من الواضح أن هناك سياسات تدون حسب الأميال والنزعات الحزبية والمذهبية، ثم تبلغ بشكل سري. ومن نتائج هذه السياسات التعامل الناشئ عن التعصب الأعمى والتمييز وتصفية أهل السنة من الصعيد السياسي.لقد سادت البلاد هذه السياسة التمييزية مدة طويلة إلی أن انتصرت دولة الإصلاحيين حيث نشأت بيئة سياسية مفتوحة إلی حد ما، ولكن السنّة لم يصلوا في تلك الحقبة من الزمن أيضا إلی المكانة اللائقة بهم في البلاد، ولم يستخدم مثقفوهم في المناصب الرئيسية والإدارية العليا. وبعد ذهاب دولة الإصلاحيين كان للدولة الجديدة (دولة أحمدي نجاد) تعامل متفاوت مع أهل السنة، ولم تتحسن أحوال أهل السنة بل ازدادت الضغوط عليهم يوما فيوما.أقول مؤسفا لقد مضينا السنة الثلاثين من مرور انتصار الثورة وأهل السنة يشعرون بضغوط زائدة علی أنفسهم, لأجل ذلك زاد اليأس والقنوط بين أهل السنة، وإنهم لا يرون في مستقبلهم مكانة لائقة بهم.من الناحية العمرانية فقد حدث تحسن ما في أوضاع مناطق أهل السنة, ولكن المشاكل لا زالت قائمة موجودة في المجالات السياسية والإدارية، والقلق بالنسبة إليها متزايد يوميا, فلا بد من حل قضية استخدام أهل السنة في القوات المسلحة، ويرفع التمييز، وليكن المعيار في تفويض المناصب الصلاحية والجدارة لا المذهب. فإن أهل السنة خير وسيلة لإقامة الصلة مع العالم الإسلامي ولتسود بيئة الثقة علی البلاد إن شاء الله.يجب علی الدولة أن تهتم أولا إلی أهل السنة داخل البلاد وتجلب رضاهم ثم تمول علی الجماعات السنية خارج إيران. فمطالبات المواطنين السنة ليست زائدة, بل هي في إطار الدستور والحقوق المدنية والمذهبية.أكبر ما يُقلق أهل السنة أمران: الأول: عدم مشاركتهم في الصعيد السياسي والإداري والتمييز في التوظيف والإستخدام وتفويض المسئوليات. والثاني: الحرية المذهبية التي واجهت أخيرا تحديات جادة. فما قرر في المجلس الأعلی للثورة الثقافية باسم "تنظيم المدارس الدينية" أنشأ اضطرابا وقلقا في مستوى البلاد لأهل السنة. ولقد قرر هذا المشروع مع أن الدستور نص بحرية الأقليات المذهبية في شئونهم المذهبية والتعليمية والتربوية. ولقد اعتبر كل من مثقفي أهل السنة وعلماءهم هذ القرار مغايرا للدستور، ولا يسمحون بأن يتدخل في شئونهم المذهبية والتعليمية. ولتحافظ علی الحريات المذهبية ولتراعى حرمة المساجد واستقلال المدارس الدينية، وللحكومة والدولة الإشراف لا التدخل.
مجلة نداء الإسلام: مع مرور ثلاثين سنة من انتصار الثورة، ما هو استعراضكم العام من هذه العقود الثلاثة في ظل الشعار الرسمي لثورة شعب إيران يعني الإستقلال والحرية والجمهورية الإسلامية؟
الشيخ عبد الحميد: الحمد لله لقد اكتسبت البلاد حريتها واستقلالها بالثورة وتخلصت من سلطة الأجانب، وكذلك انتهى الإستبداد البهلوي, وشعر الشعب الإيراني بالحرية. وبعد تدوين الدستور تهيئت للإيرانيين المزيد من الفرصة للمشاركة في الإنتخابات. ولكن ما يبدو واضحا أن تباعدا يرى بين أهداف الثورة الأساسية والوضع الراهن. فإن بعض المضايقات والإستئثار بالثورة من قبل بعض الأحزاب جعل الكثيرين من موافقي ومرافقي الثورة في إنزواء سياسي، والكثير ظلوا يتربصون تحولا وتبدلا من داخل الثورة.لا ينبغي أن تصادر الثورة من قبل أشخاص معدودين، ولا تقوى هذه الفكرة في الناس بأن الثورة تتحرك في تيار خاص وفي انحصار طائفة خاصة مع آراء خاصة وأن لايتحمل من لا تتفق أفكاره مع أفكار المسئولين فيطرد. فنرجوا أن يحصل تغيير وتتسع هذه الدائرة ويأخذ تعامل الإيرانيين بعضهم مع بعض صورة جديدة من العقل والمنطق وتحترم جميع أنواع الحريات من الرأي والصحافة ويتضامن الجميع لإصلاح وإعمار البلاد.
مجلة نداء الإسلام: ماهي رؤيتكم لمستقبل البلاد في العقد الرابع من عمر الثورة؟ ما هي العوامل المؤثرة في مستقبل أفضل وأحسن؟
الشيخ عبد الحميد: إن مستقبل البلاد متعلق بأمرين:1- إدارة البلاد من الناحية الإقتصادية إدارة صحيحة بحيث يزول الفقر والبطالة وتقضي حاجات البلاد بالانتفاع الصحيح من البترول، وتكون إتخاذ الأمور في مسير تحسن أوضاع الناس المادية والإقتصادية.2- أن تعطى الحرية من الناحية الإجتماعية والسياسية للشعب، وتحيى النظرية التي كانت في بداية الثورة، ويمكن للناس أن يعربوا عن آرائهم وينتقدوا المسئولين، وتكون إيران لجميع الإيرانيين لا لجماعة خاصة أو طائفة خاصة أو حزب خاص، ويكون جميع الأقوام والمذاهب مشاركون في إدارة البلاد، ويشعر الجميع أنهم مساهمون في إدارة البلاد، وترفع الضغوط والمشاكل.إن تحقيق هذه المسائل تقوي الوحدة الوطنية والأمن القومي إن شاء الله تعالی.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرجى الاشارة الى مركز بلوشستان للدراسات البلوشية عند
اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في مركزنا لا تعبر عن راي المركز بل عن راي الكاتب فقط
مركز بلوشستان للدراسات البلوشية
www.balochistancenter.blogspot.com